الأحد، 25 مارس 2012

من الأفضل أن تكون قطري في قطر


هذا مقال عن قطر نشر في إحدى الصحف البلجيكية يوم 10 مارس 2012 أترجمها للأخوة القراء والتعليقات متروكة لكم .

من الأفضل أن تكون قطري في قطر

على الرغم من أن هذه الدولة الصغيرة جدا حاضرة بشكل دائم وقوي في الثورات العربية إلا أن سكانها المحليون لا يطالبون بشيء .
تقرير من الدوحة من مراسلنا الخاص
أول ما يلفت انتباهك في الدوحة هو حي الأعمال في الخليج الغربي بمركزه التجاري الضخم والذي يعتبر مرآة قطر اليوم . وهذا الحي هو واحد من الثلاث أو الأربع تمركزات التجارية والإستمتاعية في العاصمة الدوحة ، حيث تجد كل العلامات التجارية العالمية الكبيرة حاضرة فيها بمحلاتها وبواتيكها ، وترى جيش من العمال الأسيويين يقومون بشكل مستمر بتأمين عمليات النظافة فيها دون كلل وبصمت تام .
بعد الساعة السادسة مساءا تستطيع مكونات مجتمع الدوحة المختلفة من التلاقي أو التقاطع في هذه المراكز التجارية ، فترى الهنود والفلبينيون والمصريون والبريطانيون وحتى القطريون الذين يسهل معرفتهم من لباسهم الطويل والغترة والعقال على الرأس والعبايات بالنسبة للنساء . وما هو ملفت للنظر في هذه المراكز إن كل البائعين تقريبا لا يتحدثون لغة البلاد وهي اللغة العربية !

يقول أحد اللبنانيين المقيمين في قطر ، والذي لم يبقي لسانه في جيبه : <<  هذا الأمر عادي ، فكل العاملين هنا هم من الأجانب والقطريون ليسوا بحاجة للعمل لأن الدولة تهتم بهم ، ونتيجة لهذا نراهم دون دافع أو حافز للدراسة أو للعمل وهذا ما يبقي مستواهم الفكري محدود ومنخفض وبالتالي  لا يملكون الكفاءة المناسبة والمطلوبة للعمل فيدفعون للآخرين للعمل لهم >>.
من ناحيته ، يقول أحد دبلوماسيي أحدى الدول الأوروبية من مكتبه بالخليج الغربي بوضوح وتأكيد : << يبلغ عدد سكان هذا البلد تقريبا 000ر700ر1 نسمة منهم 000ر500 هندي و 000ر300 نيبالي و 000ر200 فليبيني ومن جنسيات أخرى مختلفة كالسريلانكيين والبنغال ومن العرب والأفارقة والأوروبيين و ..... حوالي 000ر250 قطري مما يجعلهم أقلية صغيرة في بلدهم ! والمسألة الشائكة الأخرى تكمن في أن المهاجرين لا يستطيعون القدوم للبلاد مع أسرهم مما يجعل لدينا مجتمع  يشكل فيه الذكور نسبة 75% ... >>
لا نسمع اللغة الوطنية في البلاد وهي العربية كثيرا ، على عكس اللغة الإنجليزية , لكنها لغة انجليزية مشوهة بلهجات الأوردو و الهندية والفلبينية التي يصعب أحيانا فهمها . وسائقي التاكسي ، وهم جميعا من المهاجرين ، لا يعرفون جيدا المدينة لكنهم يجيبون بسهولة على الأسئلة . يقول رام وهو هندي عمره 28 سنة : <<  أنا هنا منذ سنتين وقد تركت زوجتي وأطفالي في شناي شرقي الهند . أنام مع سبعة من مواطنني في غرفة واحدة وأحصل على راتب قدره 300 دولار شهريا ، ما يعتبر راتب عادي بالنسبة للمهاجرين الأسيويين , وكنت سأربح أقل من النصف لو حصلت على وظيفة في بلادي . إنني أرسل كل شهر مبلغ من المال لأسرتي وأأمل في التمكن من توفير بضع الآف من الدولارات لبناء بيتا لي ولأسرتي في الهند . حينها سأترك هذه البلاد بدون أسف >>.
لا احزاب سياسية ولا نقابات
يعمل هذا العدد الكبير من المهاجرين الأسيويين وهم الأغلبية في قطر دون شكوى ، وقد يكون ذلك من الأفضل لهم لعدم وجود نقابات تدافع عنهم . مع ذلك ، يقول أحد الإستراليين المقيمين في قطر <<  التشريعات الاجتماعية هنا ليست سيئة لكن يجب رؤية كيف يتم تنفيذها. فالمحاكم تقف دائما بجانب القطري ! وحتى المقيمين الغربيين ، ليس من صالحهم أن يتخاصموا مع رؤؤساءهم في العمل ، إذ إن مغادرة البلد لا تتم إلا بتصريح خروج يوقع عليها الكفيل القطري الذي لا يمكن بدونه العمل في قطر . ويكفي أن نعدد الحالات التي تعرض لها بعض الغربيين والتي تسببت في احتجازهم في البلاد ، احيانا لسنوات ، بسسبب خلافات مع كفلائهم تتعلق في أغلب الأحيان بأمور مالية >>. (1)
على الرغم من عدم وجود منظمات تمثل المجتمع المدني ، نجد في الدوحة لجنة وطنية رسمية لحقوق الإنسان في إحدى المباني الواسعة والحديثة حيث يعمل 75 موظف .  تقول إحدى الموظفات ، وهي قانونية من سوريا ، بأن المركز اهتم بأكثر من 700 حالة السنة الماضية ، 86% منها تقدم بها مهاجرين . وهي تقدر بنسبة 20% الحالات التي استطاع المركز حلها .
يبدو أن القطريين على الأرجح بعيدين عن هذه المسائل و لا تنحصر همومهم ، إن وجدت ، في هذا الجانب الاجتماعي . يقول أحد القطريين المتقاعدين : << تحظى الغالبية العظمى من القطريين بوظائف في القطاع العام برواتب مجزية . ومع التغييرات التي طرأت على الساحة العربية مع الربيع العربي ، حصل الموظفين الحكوميين على زيادة مقدارها 60% وحصل العسكريين على ما يزيد على ال 100% ، في الوقت الذي يستفيد فيه المواطنين من مجانية الكهرباء والماء والغاز ... >>.
في ظروف كهذه ، فأنه ليس من المستغرب أن نعلم بأن الحياة السياسية في قطر ليس لها وجود و أن الأحزاب السياسية ممنوعة .  في هذا الصدد ، يقول المدير الشاب للمعهد الدبلوماسي من مكتبه الواقع في المبنى الجديد لوزارة الخارجية القطرية : << الأحزاب السياسية قد تقسم المجتمع و لا حاجة لها طالما يمكن أن نقول ونكتب ما نريد ، ولا نشعر بأي كبت . أضف إلى ذلك بأننا سنشهد الإنتخابات المباشرة الأولى لمجلس الشورى في العام 2013 ، حسب ما  وعد به  الأمير >>.
لكن صاحبنا القطري المتقاعد يرى الأمور بشكل مغاير ويقول : << يخشى الناس من فقدان مزاياهم  ولهذا لا يطالبون بالديمقراطية ! >>. ويسير في نفس الإتجاه أحد الدبلوماسيين الغربيين فيقول : << منذ قدومي إلى قطر لم أرى مظاهرة واحدة ضد أي شيء لأن القطريين لا يطالبون بالديمقراطية . شاهدنا انتخابات للمجلس البلدي في سنة 1999 بنسبة مشاركة لا بأس بها ، لكن في انتخابات نفس المجلس لسنة 2003 و2011 لم يكلف الناس أنفسهم حتى عناء التنقل للتصويت >>.  إذن ، إذا كانت المشاكل لا تعني إلا المهاجرين الكثيرين ، فهل هذا يعني بأن القطريون يعيشون في جنة على الأرض ؟ يصحح هذا الدبلوماسي بقوله : << لا ، فالقطريون قلقون من تشعشع وإضعاف هويتهم بسبب الحضور المكثف للمهاجرين في بلادهم ، خاصة في مجتمعهم الوهابي المحافظ جدا . ومشاريع الأمير ومحيطه في التحديث لا تمر دائما بشكل جيد ومثال على ذلك مسألة الإختلاط التي يحاول بعضهم أحيانا التشجيع عليها . يقال هنا بأن قطر انتقلت فجأة من القرن التاسع عشر إلى القرن الواحد و العشرين ! >>.

كتابة : بودوان لوس
ترجمة : حسن علي الأنصاري

(1)  نشر البلجيكي فيليب بوجاير كتاب عن تجربته السيئة في قطر عام 2009 عندما إضطر لمغادرة قطر في قارب بشكل غير شرعي بعد قضاءه عدة أشهر في السفارة البلجيكية .

         
     


هناك تعليقان (2):

  1. Dank den Themen .... Ich hoffe, mehr von den Themen

    ردحذف
  2. Vielen Dank .. Und ich hoffe, Sie Mved Entwicklung und Schreiben von verschiedenen Themen :)

    ردحذف