أقيم في الدوحة خلال الفترة من ٥ إلى ٩ من ديسمبر ٢٠١٠ ، وضمن فعاليات الدوحة عاصمة للثقافة العربية للعام ٢٠١٠ ، مهرجان الدوحة الدولي للحرف اليدوية بتنظيم من وزارة الثقافة والفنون والتراث من خلال إدارة التراث بها بالتعاون مع مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية باستانبول في تركيا . وقد تضمن المهرجان على المعرض الدولي للحرفيين كما هم في مواقع العمل ، الذي استمر لخمسة أيام ، وعلى الندوة الدولية حول الإبتكار والإبداع في الحرف اليدوية التي استمرت ليومين ، وكنت قد تلقيت دعوة كريمة من إخواني بإدارة التراث للحضور والمشاركة في الندوة حول الحرف اليدوية .
على الرغم من إطلاق صفة الدولي على الحدث ، لاحظت منذ الوهلة الأولى إقتصار الحضور على المشاركين في الندوة من الباحثين وعدد نادر جدا من المدعوين ، ليس فقط فيما يخص الندوة وانما أيضا المعرض المصاحب الذي استمر لخمسة أيام كما قلت ، مع إن الفعالية كانت ذات أهمية كبيرة حيث إنها تعنى بالهوية وتراث الدول عموما وبالحرف اليدوية فيها خصوصا . لكن ذلك لم يمنعني من الإستمتاع بزيارتي للمعرض والتعرف على المنتجات اليدوية للدول المشاركة ، ومن المشاركة في الندوة حول الحرف اليدوية والإستفادة منها ، خاصة وإن الأوراق التي قدمت من قبل الباحثين كانت على درجة عالية من المهنية والتخصصية في مجالاتها، طرحت الهموم والمشاكل والصعوبات والعوائق التي تواجها الحرف اليدوية أمام العولمة وقدمت افكارا وقتراحات ا لكيفية مواجهة ذلك . وقد شملت الأوراق المقدمة على تجارب ميدانية وأخرى علمية مرورا بالجوانب النظرية والفلسفية وانتهاءا بربط الحرف اليدوية بالتعليم والتعلم لضمان استدامتها .
وقد أكد الجميع على ضرورة الحفاظ والإرتقاء بالحرف اليدوية من خلال تطويرها وربطها بالأبعاد الثقافية والإقتصادية والسياحية والإجتماعية ، كما الإهتمام باحياء المعارف المحلية وتوظيف الموارد الطبيعية في الصناعات التقليدية وإنشاء مراكز للحرف اليدوية لإحياء هذه الصناعات . وأخيرا أكد الجميع على ضرورة إدماج الحرف اليدوية في المناهج التعليمية وتوفير فرص التدريب والتعليم .
لا شك في إن هذا المهرجان حول الحرف اليدوية فرصة جيدة لتوعية العامة بأهمية ما لديها من تراث ، ربما الكثير منا لا يعرفه أو لا يدير له إهتمام ، يجب الحفاظ عليه والإهتمام به . لكن ندرة الحضور أثار عندي تساؤلات حول معرفة أين الخلل ؟ هل هو في عدم اهتمام الناس عموما ؟ وهو كذلك إلى حد كبير ، إذ إن كثير من المدعوين من أصحاب الشأن من العاملين في المجال التراثي والتعليمي لم يلبوا الدعوة ، أم في عدم القدرة في التواصل مع الجمهور ومعرفة كيفية إيصال المعلومة إليه ؟ لاشك إن هذان في آن واحد !
لقد إتخذت الدولة بعض القرارات التي تسير في إتجاه الحفاظ على التراث ومنها الحرف اليدوية ، وأنشأت بعض المراكز لذلك ، لكن ...... !
أعتقد بأنه ، على الرغم من بعض الجهود الإدارية الأيجابية ، يتوجب علينا إظهار قدر أكبر من الإهتمام الشخصي والمباشر بتراثنا عموما وبحرفنا اليدوية خصوصا ، خاصة ممن هم في أعلى هرم السلطة ومتخذي القرار ، حيث إن ذلك سيؤدي حتما إلى تأثيرات إيجابية على العمل اليدوي وغيره من جوانب التراث الوطني . فالحضور الشخصي المتواصل لمتخذي القرار والشخصيات البارزة للمناسبات والفعاليات المقامة عن التراث ، وتقديم الدعم المادي والمعنوي اللازم لإصحاب الحرف اليدوية وغيرهم من المتخصصين في الجوانب الأخرى من التراث ، سيكون له مردود طيب على الحفاظ واستدامة تراثنا الوطني . وستولي وسائل الأعلام أهتمام أكبر بكثير بقضايا التراث الوطني وستعطيها حقها في التغطية . وخير مثال على ذلك ما رأيناه ونراه من تغطية اعلامية متواصلة ، على عدة صفحات وبصور كبيرة ، لمؤتمرات وملتقيات أقيمت في الدوحة خلال الأيام الأخيرة . وكنتيجة طبيعية ، سيزداد عدد الحضور والزائرين لفعاليات التراث وترتفع درجة الفضول لدى العديد منهم . وسيحرص هؤلاء الكسالى والمهملين من العاملين في المجال الثقافي والتعليمي على الحضور ، ولو على سبيل الظهور أمام المسئولين فقط كما يحصل في نواحي أخرى . لكنه ، في النهاية ، لا بد من تحقيق تقدم ما يحقق الفائدة والمصلحة .
إن بلدا مثل تايلند به حوالي ستة ملايين حرفي يدوي يدرون ما قيمته ٣٥٪ من الناتج القومي التايلندي ، استطاعوا أن يصلوا إلى هذا المستوى بفضل الأهتمام والإلتزام الشخصي والمباشر لرأس السلطة بالبلاد ، والحرص على إبراز الوجه التراثي والتقليدي لتايلند أمام الآخرين .
لا يعني مطالبتي الإهتمام بالحرف اليدوية هنا وبالتراث بشكل عام إهمال الجوانب المختلفة من الثقافة ، بل على العكس تماما ، يجب أن يشمل الإهتمام بكل جوانب الثقافة لأنها الأساس في رقي الشعوب واستنهاضها . وعندما أقول الثقافة فأنني أعني أولا وأخيرا ثقافتنا الوطنية والعربية والإسلامية لنتمكن من فرض احترامنا على الآخرين كما تمكنوا من فرض احترامهم علينا باحترامهم لثقافاتهم .
أخيرا عزيزي القارىء ،
في الحفل الختامي لمهرجان الدوحة الدولي للحرف اليدوية الذي لم يستمر أكثر من ثلث ساعة ، رأيت وصول عدد كبير من
الناس لم يزوروا معرض الحرف اليدوية قط طوال فترة إقامته لخمسة أيام ، ولم أراهم مطلقا خلال جلسات الندوة الدولية حول الحرف اليدوية على الرغم من علاقتهم المباشرة بالحدث ! أعتقد عزيزي القارىء بأن الأمر لن يصعب عليك في معرفة سبب تواجدهم في اللحظات الأخيرة من عمر الحدث ؟؟!!
حسن علي الأنصاري
على الرغم من إطلاق صفة الدولي على الحدث ، لاحظت منذ الوهلة الأولى إقتصار الحضور على المشاركين في الندوة من الباحثين وعدد نادر جدا من المدعوين ، ليس فقط فيما يخص الندوة وانما أيضا المعرض المصاحب الذي استمر لخمسة أيام كما قلت ، مع إن الفعالية كانت ذات أهمية كبيرة حيث إنها تعنى بالهوية وتراث الدول عموما وبالحرف اليدوية فيها خصوصا . لكن ذلك لم يمنعني من الإستمتاع بزيارتي للمعرض والتعرف على المنتجات اليدوية للدول المشاركة ، ومن المشاركة في الندوة حول الحرف اليدوية والإستفادة منها ، خاصة وإن الأوراق التي قدمت من قبل الباحثين كانت على درجة عالية من المهنية والتخصصية في مجالاتها، طرحت الهموم والمشاكل والصعوبات والعوائق التي تواجها الحرف اليدوية أمام العولمة وقدمت افكارا وقتراحات ا لكيفية مواجهة ذلك . وقد شملت الأوراق المقدمة على تجارب ميدانية وأخرى علمية مرورا بالجوانب النظرية والفلسفية وانتهاءا بربط الحرف اليدوية بالتعليم والتعلم لضمان استدامتها .
وقد أكد الجميع على ضرورة الحفاظ والإرتقاء بالحرف اليدوية من خلال تطويرها وربطها بالأبعاد الثقافية والإقتصادية والسياحية والإجتماعية ، كما الإهتمام باحياء المعارف المحلية وتوظيف الموارد الطبيعية في الصناعات التقليدية وإنشاء مراكز للحرف اليدوية لإحياء هذه الصناعات . وأخيرا أكد الجميع على ضرورة إدماج الحرف اليدوية في المناهج التعليمية وتوفير فرص التدريب والتعليم .
لا شك في إن هذا المهرجان حول الحرف اليدوية فرصة جيدة لتوعية العامة بأهمية ما لديها من تراث ، ربما الكثير منا لا يعرفه أو لا يدير له إهتمام ، يجب الحفاظ عليه والإهتمام به . لكن ندرة الحضور أثار عندي تساؤلات حول معرفة أين الخلل ؟ هل هو في عدم اهتمام الناس عموما ؟ وهو كذلك إلى حد كبير ، إذ إن كثير من المدعوين من أصحاب الشأن من العاملين في المجال التراثي والتعليمي لم يلبوا الدعوة ، أم في عدم القدرة في التواصل مع الجمهور ومعرفة كيفية إيصال المعلومة إليه ؟ لاشك إن هذان في آن واحد !
لقد إتخذت الدولة بعض القرارات التي تسير في إتجاه الحفاظ على التراث ومنها الحرف اليدوية ، وأنشأت بعض المراكز لذلك ، لكن ...... !
أعتقد بأنه ، على الرغم من بعض الجهود الإدارية الأيجابية ، يتوجب علينا إظهار قدر أكبر من الإهتمام الشخصي والمباشر بتراثنا عموما وبحرفنا اليدوية خصوصا ، خاصة ممن هم في أعلى هرم السلطة ومتخذي القرار ، حيث إن ذلك سيؤدي حتما إلى تأثيرات إيجابية على العمل اليدوي وغيره من جوانب التراث الوطني . فالحضور الشخصي المتواصل لمتخذي القرار والشخصيات البارزة للمناسبات والفعاليات المقامة عن التراث ، وتقديم الدعم المادي والمعنوي اللازم لإصحاب الحرف اليدوية وغيرهم من المتخصصين في الجوانب الأخرى من التراث ، سيكون له مردود طيب على الحفاظ واستدامة تراثنا الوطني . وستولي وسائل الأعلام أهتمام أكبر بكثير بقضايا التراث الوطني وستعطيها حقها في التغطية . وخير مثال على ذلك ما رأيناه ونراه من تغطية اعلامية متواصلة ، على عدة صفحات وبصور كبيرة ، لمؤتمرات وملتقيات أقيمت في الدوحة خلال الأيام الأخيرة . وكنتيجة طبيعية ، سيزداد عدد الحضور والزائرين لفعاليات التراث وترتفع درجة الفضول لدى العديد منهم . وسيحرص هؤلاء الكسالى والمهملين من العاملين في المجال الثقافي والتعليمي على الحضور ، ولو على سبيل الظهور أمام المسئولين فقط كما يحصل في نواحي أخرى . لكنه ، في النهاية ، لا بد من تحقيق تقدم ما يحقق الفائدة والمصلحة .
إن بلدا مثل تايلند به حوالي ستة ملايين حرفي يدوي يدرون ما قيمته ٣٥٪ من الناتج القومي التايلندي ، استطاعوا أن يصلوا إلى هذا المستوى بفضل الأهتمام والإلتزام الشخصي والمباشر لرأس السلطة بالبلاد ، والحرص على إبراز الوجه التراثي والتقليدي لتايلند أمام الآخرين .
لا يعني مطالبتي الإهتمام بالحرف اليدوية هنا وبالتراث بشكل عام إهمال الجوانب المختلفة من الثقافة ، بل على العكس تماما ، يجب أن يشمل الإهتمام بكل جوانب الثقافة لأنها الأساس في رقي الشعوب واستنهاضها . وعندما أقول الثقافة فأنني أعني أولا وأخيرا ثقافتنا الوطنية والعربية والإسلامية لنتمكن من فرض احترامنا على الآخرين كما تمكنوا من فرض احترامهم علينا باحترامهم لثقافاتهم .
أخيرا عزيزي القارىء ،
في الحفل الختامي لمهرجان الدوحة الدولي للحرف اليدوية الذي لم يستمر أكثر من ثلث ساعة ، رأيت وصول عدد كبير من
الناس لم يزوروا معرض الحرف اليدوية قط طوال فترة إقامته لخمسة أيام ، ولم أراهم مطلقا خلال جلسات الندوة الدولية حول الحرف اليدوية على الرغم من علاقتهم المباشرة بالحدث ! أعتقد عزيزي القارىء بأن الأمر لن يصعب عليك في معرفة سبب تواجدهم في اللحظات الأخيرة من عمر الحدث ؟؟!!
حسن علي الأنصاري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق