هذه مقالة نشرت في صفحة الإخبارية يوم ١٧ ديسمبر ٢٠٠٩
شهدت الدولة في السنوات الأخيرة إنشاء العديد من المؤسسات في مجالات عدة منها التعليمية والإجتماعية والإعلامية والإقتصادية وغيرها . وكانت أهداف هذه المؤسسات ، حسبما أعلن ، تنحصر في تطوير وتنمية المجتمع وهي أهداف نبيلة بلا شك . لكن الآن ، وبعد مرور تلك السنين ، أعتقد أنه يحق لنا أن نتسأل عن نتائج أعمال هذه المؤسسات وعن ما قدمته للمجتمع القطري ومدى تأثيرها في تغيير واقعه .
لا نستطيع بطبيعة الحال أن نضع الجميع في سلة واحدة ، ولا يجب علينا أن نأخذ الإمور من جوانبه السلبية فقط ، بل علينا أن نذكر الجوانب الإيجابية أيضا اذ إن كل عمل له ما له وعليه ما عليه . لا أحد يستطيع أن ينكر ما تقدمه مؤسسات مثل الشفلح ودار الإنماء الإجتماعي ودريمه ومركز النور وغيرها من خدمات وبرامج وفعاليات وأنشطة في مجال خدماتها التعليمية والإجتماعية والصحية ، وبما حققته من نقلة نوعية في مجال عملها ، بغض النظر عن اختلاف البعض معها ورؤيتهم لغير ذلك ، فضلا عن إن هذه المؤسسات استطاعت أن توفر فرص عمل للعديد من المواطنين والكوادر القطرية . لكن من ناحية أخرى نرى العديد من المؤسسات الأخرى ، التي أنشئت لنفس الأهداف ، لم تقدم شيئا يذكر ذا قيمة للداخل القطري على الرغم من تكاليفها الباهظة ، ولم تحدث أي تغيير نحو الأفضل . بل على العكس تماما ، بقيت تعمل بمنأى عنه كأنها لا علاقة لها به إلا المكان والتمويل . ناهيك عن إن هذه المؤسسات لم توفر فرص عمل حقيقية للمواطنين والكوادر القطرية ولم تضع في خطتها أي خطط لإعداد وتأهيل من لديها من القلة القليلة منهم لإبقاءهم في وظائف هامشية وثانوية بهدف احتكار القرار فيها بعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن .
لا تهتم هذه المؤسسات فعلا بالداخل ، بل تنحصر اهتماماتها أساسا بالخارج . فمؤسسة مثل مؤسسة الديمقراطية العربية لا أرى لها أي دور يذكر في الحياة السياسية الداخلية ولا أسمع لها صوتا يطالب بتغيير واقعها الديمقراطي مثلا ، إذ أنه من المعلوم إن الديمقراطية عندنا تنحصر في التنفيس لا تأثير لها على مستوى اتخاذ القرار . وبما إننا لم نعد نسمع منذ مدة لهذه المؤسسة ، لا أدري إن كانت لا تزال تعمل أم لا ؟
ومؤسسة أخرى ذات أهداف نبيلة كصلتك خف الحديث عنها كثيرا ؟! تلك المؤسسة التي أعلنت إنها تعنى بتوفير فرص العمل للشباب العربي والشباب على مستوى العالم ! لكن ماذا عن الشباب القطري ؟ إذ كلنا يعلم بمدى معاناتهم في الحصول على وظيفة من خلال ما نقرأه ونسمع عنه في وسائل الإعلام المحلية المختلفة . أما مركز الدوحة لحرية الإعلام فقصته فعلا فريدة من نوعها بعد كل ما جرى على الساحة بخصوصه والكل يعلم بذلك ، وقد أصبح الآن كسيحا مهمشا لا دور له في تغيير واقعنا الإعلامي وبقي قانون المطبوعات والنشر إلى الآن دون تغيير ، ولم يعد يثار إسمه إلا من وقت إلى آخر لذر الرماد في العيون .
أما المؤسسة الأكبر بلا منازع وهي قناة الجزيرة فلا أعتقد إنها تختلف عن مثيلاتها من ما تم ذكره من بعض مؤسسات تحظى بالدعم والتمويل القطري . فعلى الرغم من ما حققته القناة من تغيير من واقع الإعلام العربي كما يقال ، إلا إنها لا تختلف فعلا عن مثيلاتها من أجهزة الإعلام العربية الأخرى حيث تنتقد الآخر وتتغافل عن من يرعاها ويمولها على الرغم من وجود ما يستحق اثارته إعلاميا لديه من حيث مستوى الجدية والأهمية .
تقول قناة الجزيرة إنها تؤمن بالرأي والرأي الآخر لكنها تتعامى تماما عن ذلك وتتجاهله كليا ، حيث ظهر ذلك جليا في عدم إهتمامها وإظهارها اللامبالاة التامة لكل الإنتقادات التي وجهت لها على مستوى الداخل في وسائل الإعلام . وتتجاهل ذلك في اخبارها وبرامجها في الوقت الذي لا تتردد في بث ما يثار حولها على المستوى الخارجي ولإيام عدة في أحيانا كثيرة . أنفهم من ذلك إنها لا تقيم وزنا لمن هو بالداخل ولا تحترمهم على الرغم من إنها تعيش في وسطهم وتتلقى التمويل منهم ؟ وهل يؤكد ذلك أنها فعلا مؤسسة للخارج دون اعتبار للداخل ؟
إذا غيرنا الحديث وتحدثنا قليلا عن جامعات المدينة التعليمية ، فإنني أرى إنها تسير في نفس الإتجاه تقريبا على الرغم من الحهود الجبارة الكبيرة والمقدرة التي بذلت من أجل إنشاءها . حيث نلاحظ إن تلك الجامعات صعبة المنال للقطريين وبدت أبوابها مشرعة أكثر لغيرهم . إذ كيف يمكن لهذه الجامعات أن تضع شروطا مشددة للقبول بها دون أن نضع قبل ذلك الأرضية المناسبة والمتينة لتأهيل واعداد طلابنا لتمكينهم من الدخول فيها ؟! وهذا الأمر ليس خافيا على أحد حيث يعلم الجميع بمشاكل التعليم مما يتطلب معها وقفة جادة من قبل جميع فئات المجتمع لتدارسها وايجاد الحلول الجذرية لها .
فاتني بالتأكيد ذكر العديد من المؤسسات الأخرى ، وقد أخذت تلك على سبيل المثال . ما أريد قوله هو إننا إذا أردنا فعلا الإهتمام بنمو ورقي المجتمع علينا الإهتمام أولا بالمحور الأساسي المتمثل في التنمية البشرية . وهذا يتطلب سنين من الإعداد والبناء لنتمكن من إنشاء مؤسسات قابلة للحياة والإستمرار ، تستطيع أن تنتقل من جيل إلى آخر ، تمثل القطريين ويقودها قطريون ، تهتم بالداخل قبل كل شيء ومسخرة كل امكانياتها له ، تعمل بشكل مؤسساتي لا يرتبط وجودها بأفراد بذاتهم من هناك قد تتعرض للإنهيار في حال رحيلهم - ما يدعوني للتساؤل حول جدوى إنشاء مثل هذه المؤسسات - عندها فقط وعندها فقط يمكننا التوجه للخارج بكل فخر وقوة إنطلاقا بما لدينا من مبادىء يحتذى بها وقدرات وامكانيات يعتز بها .
حسن علي الأنصاري
شهدت الدولة في السنوات الأخيرة إنشاء العديد من المؤسسات في مجالات عدة منها التعليمية والإجتماعية والإعلامية والإقتصادية وغيرها . وكانت أهداف هذه المؤسسات ، حسبما أعلن ، تنحصر في تطوير وتنمية المجتمع وهي أهداف نبيلة بلا شك . لكن الآن ، وبعد مرور تلك السنين ، أعتقد أنه يحق لنا أن نتسأل عن نتائج أعمال هذه المؤسسات وعن ما قدمته للمجتمع القطري ومدى تأثيرها في تغيير واقعه .
لا نستطيع بطبيعة الحال أن نضع الجميع في سلة واحدة ، ولا يجب علينا أن نأخذ الإمور من جوانبه السلبية فقط ، بل علينا أن نذكر الجوانب الإيجابية أيضا اذ إن كل عمل له ما له وعليه ما عليه . لا أحد يستطيع أن ينكر ما تقدمه مؤسسات مثل الشفلح ودار الإنماء الإجتماعي ودريمه ومركز النور وغيرها من خدمات وبرامج وفعاليات وأنشطة في مجال خدماتها التعليمية والإجتماعية والصحية ، وبما حققته من نقلة نوعية في مجال عملها ، بغض النظر عن اختلاف البعض معها ورؤيتهم لغير ذلك ، فضلا عن إن هذه المؤسسات استطاعت أن توفر فرص عمل للعديد من المواطنين والكوادر القطرية . لكن من ناحية أخرى نرى العديد من المؤسسات الأخرى ، التي أنشئت لنفس الأهداف ، لم تقدم شيئا يذكر ذا قيمة للداخل القطري على الرغم من تكاليفها الباهظة ، ولم تحدث أي تغيير نحو الأفضل . بل على العكس تماما ، بقيت تعمل بمنأى عنه كأنها لا علاقة لها به إلا المكان والتمويل . ناهيك عن إن هذه المؤسسات لم توفر فرص عمل حقيقية للمواطنين والكوادر القطرية ولم تضع في خطتها أي خطط لإعداد وتأهيل من لديها من القلة القليلة منهم لإبقاءهم في وظائف هامشية وثانوية بهدف احتكار القرار فيها بعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن .
لا تهتم هذه المؤسسات فعلا بالداخل ، بل تنحصر اهتماماتها أساسا بالخارج . فمؤسسة مثل مؤسسة الديمقراطية العربية لا أرى لها أي دور يذكر في الحياة السياسية الداخلية ولا أسمع لها صوتا يطالب بتغيير واقعها الديمقراطي مثلا ، إذ أنه من المعلوم إن الديمقراطية عندنا تنحصر في التنفيس لا تأثير لها على مستوى اتخاذ القرار . وبما إننا لم نعد نسمع منذ مدة لهذه المؤسسة ، لا أدري إن كانت لا تزال تعمل أم لا ؟
ومؤسسة أخرى ذات أهداف نبيلة كصلتك خف الحديث عنها كثيرا ؟! تلك المؤسسة التي أعلنت إنها تعنى بتوفير فرص العمل للشباب العربي والشباب على مستوى العالم ! لكن ماذا عن الشباب القطري ؟ إذ كلنا يعلم بمدى معاناتهم في الحصول على وظيفة من خلال ما نقرأه ونسمع عنه في وسائل الإعلام المحلية المختلفة . أما مركز الدوحة لحرية الإعلام فقصته فعلا فريدة من نوعها بعد كل ما جرى على الساحة بخصوصه والكل يعلم بذلك ، وقد أصبح الآن كسيحا مهمشا لا دور له في تغيير واقعنا الإعلامي وبقي قانون المطبوعات والنشر إلى الآن دون تغيير ، ولم يعد يثار إسمه إلا من وقت إلى آخر لذر الرماد في العيون .
أما المؤسسة الأكبر بلا منازع وهي قناة الجزيرة فلا أعتقد إنها تختلف عن مثيلاتها من ما تم ذكره من بعض مؤسسات تحظى بالدعم والتمويل القطري . فعلى الرغم من ما حققته القناة من تغيير من واقع الإعلام العربي كما يقال ، إلا إنها لا تختلف فعلا عن مثيلاتها من أجهزة الإعلام العربية الأخرى حيث تنتقد الآخر وتتغافل عن من يرعاها ويمولها على الرغم من وجود ما يستحق اثارته إعلاميا لديه من حيث مستوى الجدية والأهمية .
تقول قناة الجزيرة إنها تؤمن بالرأي والرأي الآخر لكنها تتعامى تماما عن ذلك وتتجاهله كليا ، حيث ظهر ذلك جليا في عدم إهتمامها وإظهارها اللامبالاة التامة لكل الإنتقادات التي وجهت لها على مستوى الداخل في وسائل الإعلام . وتتجاهل ذلك في اخبارها وبرامجها في الوقت الذي لا تتردد في بث ما يثار حولها على المستوى الخارجي ولإيام عدة في أحيانا كثيرة . أنفهم من ذلك إنها لا تقيم وزنا لمن هو بالداخل ولا تحترمهم على الرغم من إنها تعيش في وسطهم وتتلقى التمويل منهم ؟ وهل يؤكد ذلك أنها فعلا مؤسسة للخارج دون اعتبار للداخل ؟
إذا غيرنا الحديث وتحدثنا قليلا عن جامعات المدينة التعليمية ، فإنني أرى إنها تسير في نفس الإتجاه تقريبا على الرغم من الحهود الجبارة الكبيرة والمقدرة التي بذلت من أجل إنشاءها . حيث نلاحظ إن تلك الجامعات صعبة المنال للقطريين وبدت أبوابها مشرعة أكثر لغيرهم . إذ كيف يمكن لهذه الجامعات أن تضع شروطا مشددة للقبول بها دون أن نضع قبل ذلك الأرضية المناسبة والمتينة لتأهيل واعداد طلابنا لتمكينهم من الدخول فيها ؟! وهذا الأمر ليس خافيا على أحد حيث يعلم الجميع بمشاكل التعليم مما يتطلب معها وقفة جادة من قبل جميع فئات المجتمع لتدارسها وايجاد الحلول الجذرية لها .
فاتني بالتأكيد ذكر العديد من المؤسسات الأخرى ، وقد أخذت تلك على سبيل المثال . ما أريد قوله هو إننا إذا أردنا فعلا الإهتمام بنمو ورقي المجتمع علينا الإهتمام أولا بالمحور الأساسي المتمثل في التنمية البشرية . وهذا يتطلب سنين من الإعداد والبناء لنتمكن من إنشاء مؤسسات قابلة للحياة والإستمرار ، تستطيع أن تنتقل من جيل إلى آخر ، تمثل القطريين ويقودها قطريون ، تهتم بالداخل قبل كل شيء ومسخرة كل امكانياتها له ، تعمل بشكل مؤسساتي لا يرتبط وجودها بأفراد بذاتهم من هناك قد تتعرض للإنهيار في حال رحيلهم - ما يدعوني للتساؤل حول جدوى إنشاء مثل هذه المؤسسات - عندها فقط وعندها فقط يمكننا التوجه للخارج بكل فخر وقوة إنطلاقا بما لدينا من مبادىء يحتذى بها وقدرات وامكانيات يعتز بها .
حسن علي الأنصاري
اما عن الموسسات فحدث وحدث بلا حرج
ردحذف