الخميس، 24 نوفمبر 2011

أين المسكوكات الإسلامية في متحف الفن الإسلامي

هذا مقال لا أدري لماذا ترددت إحدى الصحف المحلية في نشره !


يمتلك متحف الشارقة للحضارة ألإسلامية ما عدده 3500 قطعة من العملات الإسلامية  تمثل مختلف الحقب والعصور الإسلامية ، منذ صدر الإسلام وإنتهاء بالدولة العثمانية مرورا بالدولة الأموية فالعباسية والفاطمية ودولة السلاجقة والدولة الأيوبية والمملوكية وغيرها ، إضافة إلى امتلاكه لعملات لدويلات كالثامانية والسافارية . وقد تفاوتت هذ العملات ما بين الدنانير الذهبية والدراهم الفضية والفلوس النحاسية .
على الرغم من أن إدارة متحف الشارقة للحضارة الإسلامية تعلم إن مجموعتها هذه في المسكوكات الإسلامية لا تمثل ذلك الحجم الكبير ، إلا أنها حرصت على إنشاء قسم خاص لهذه المسكوكات في متحفها لعرضها على الجمهور ، من زائرين وباحثين ، لإدراكها لما كانت لهذه المسكوكات من دور بارز في نشر الدعوة الإسلامية وشاهد على الثقافة والحضارة الإسلامية وتأكيدا على هوية الدولة الإسلامية من خلال ما تحتويه من نقوش وعبارات وتعبيرا عن مدى قوة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعصور والحقب التي تمثلها ، هذا فضلا عن الجانب التاريخي المتمثل في توثيق حكم الخلفاء والسلاطين ، زمانا ومكانا ، من خلال نقش أسمائهم على تلك المسكوكات . هذا وقد كان الخليفة عبدالملك بن مروان أول من أمر بسك نقود عربية إسلامية خالصة بعد أن كانت الدولة الإسلامية تستخدم عملات بيزنطية وساسانية مطعمة ببعض العبارات الإسلامية ، وقد كان ذلك في العام 65 هجرية .
وأنا أجول في هذا القسم البديع والرائع للمسكوكات الإسلامية في متحف الشارقة للحضارة ألإسلامية وأمتع ناظري بهذا الكنز الثمين ، تذكرت بأسف وأسى شديدين قسم المسكوكات الإسلامية في متحفنا الوطني ، متحف قطر الوطني المأسوف على شبابه . هذا القسم الذي كان يحوي على مجموعة من الكنوز من المسكوكات الإسلامية لا تقل أهمية ، إن لم أقل أهم ، من تلك المملوكة لمتحف الشارقة للحضارة الإسلامية ، لكنها تفوقها الآن كثيرا بأضعاف من الناحية العددية .
لقد كان قسم المسكوكات الإسلامية في متحف قطر الوطني ، في عصره الزاهر ، يحوي على عدد كبير من المسكوكات متاحة لجمهور الزائرين والباحثين والمختصين ، موزعة على تسعة خزائن تمثل مختلف الحقب والعصور الإسلامية بشكل تراتيبي تاريخي . فقد كانت الخزانة الأولى تحوي على نقود بيزنطية وساسانية التي كانت تستخدم قبل أن يأمر الخليفة عبدالملك بن مروان بتعريب العملات كما جاء أعلاه . وحوت الخزانة الثانية على نقود للدولة الأموية وفي الثالثة على نقود الدولة العباسية ، ثم نقود الدولة الطولونية والدولة الأخشدية والدولة الحمدانية في الخزانة الرابعة . وفي الخزانة الخامسة كنا نرى نقود الدولة الفاطمية ونقود الصليحيين الذين كانو دعاة الفاطميين ووكلاءهم في اليمن . أما في الخزانة السادسة فكانت لدينا المسكوكات الإسلامية المتمثلة في نقود دول شمال أفريقيا في ذلك الوقت كدولة الأدارسة ودولة الأغالبة ودولة المرابطين ودولة الموحدين ثم دولة بني حفص . وكانت تعرض في الخزانة السابعة نقود الدولة الأيوبية ونقود الدولة العثمانية ، ثم نعود في الخزانة الثامنة لمشاهدة نقود الدولة البويهية التي عاصرت الدولة العباسية . وفي الخزانة التاسعة والأخيرة كنا نشاهد نقودا للدولة السامانية التي اشتهرت بالعملات الذهبية والفضية ، ثم نقودا للدولة الغزنوية والدولة الغورية التي حكمت الهند وتليها بعض مسكوكات الدولة الأيلخانية ، وهم التتار الذين قاموا على أنقاض الدولة العباسية .  وأخيرا كانت الخزانة الأخيرة  تحتوي أيضا على بعض النقود التي كانت متداولة في منطقة الخليج العربي والهند وسيلان في القرن السابع عشر ميلادي .
لقد كان لقسم المسكوكات الإسلامية بمتحف قطر الوطني ، لما يمتلكه من مجموعات قيمة ونادرة ، شرفا كبيرا في إستقبال ضيوف الدولة من رؤوساء دول وزعماء وكبار شخصيات . وكان له دور بارز في فعاليات وأنشطة المتحف ، إذ كان ينظم المحاضرات ويستقبل المختصين والباحثين ويقيم المعارض المؤقتة الخارجية والداخلية ، وكان آخرها المعرض المؤقت الرائع الذي أقيم في قصر الشيخ فهد بن علي بمناسبة دورة الالعاب الأولمبية الأسيوية . كما إن دوره في مجال الدراسة والبحث والنشر لا يقل أهمية وهذا يظهر جليا في إصداراته المتنوعة عن المسكوكات الإسلامية ، إنظر مثلا اصدارات خبير المسكوكات الإسلامية السيد ابراهيم الجابر.
لكننا ، نأتي اليوم لنقول أين ذهب كل هذا وأين قسم المسكوكات الإسلامية وما مصيره ؟ وأين ذهبت مجموعاته من المقتنيات وما مصيرها ؟ ولماذا خفت صوته ؟ ولماذا لم نعد نرى هذه المجموعات ولم نعد نرى أي أنشطة أو فعاليات أو اصدارات متعلقة بالمسكوكات الإسلامية منذ حوالى الأربع سنوات أي منذ آخر معرضه نظمه القسم في نهاية 2006 ، على الرغم من التضاعف الكبير الكمي والنوعي لمجموعات المسكوكات الإسلامية التي تصل إلى عشرات الألآف من القطع  تمتلكها الدولة الآن ، وهي ملك للمجتمع والناس يحق لهم أن يعرفوا ما آلت إليه الأمور ، ومن هذه المجموعات قطع قيمة ونادرة جدا منها على سبيل المثال دينار ال 77 وهو أول دينار معرب خالص ودينار أمير المؤمنين بالحجاز هشام بن عبدالملك المسكوك في سنة 105 هجرية  لماذا يحرم الجمهور من مشاهدتها والإستمتاع بها على الرغم من إفتتاح أكبر متحف في الشرق الأوسط في الدوحة وهو متحف الفن الإسلامي قبل ثلاث سنوات ؟ فهل يعقل أن لايسع هذا المتحف الضخم الذي يملك مساحات كبيرة غير مستغلة ، والذي يكبر مساحة متحف قطر الوطني القديم بعشرات المرات ، لقاعة لقسم المسكوكات يستمر فيها بعرض ما لديه من كنوز ثمينة سواء ما أقتناه سابقا وما أقتناه لاحقا وحديثا يسعد بها جمهوره ومحبيه ويستمر بها في تقديم خدماته الجليلة للأكاديميين والباحثين ، خاصة وأن المتحف الذي نتحدث عنه هنا هو متحف الفن الإسلامي أي أنه معني  بهذا الأمر ومن مسئولياته المباشرة ؟!!!
لقد أدرك الأخوة في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية إهمية المسكوكات الإسلامية ثقافيا وحضاريا وعلميا فقاموا بتخصيص قاعة مستقلة لعرض مجموعتهم من المسكوكات الإسلامية على الرغم من أن ما لديهم لا يتجاوز ال 3500 قطعة وعلى الرغم من محدودية المساحات في متحفهم ، فهل يعقل أن يعرض متحف الفن الإسلامي في قطر ، وهو الأكبر حجما بعشرات المرات ويملك مساحات واسعة فارغة ، في أحد زواياه المنعزلة لعدد ست قطع نقدية فقط من مجموعات المسكوكات الإسلامية التي تمتلكها دولة قطر والتي تقدر بعشرات الألآف ! . يا ترى كيف ولماذا ؟


هناك 8 تعليقات:

  1. أنا أخوك حسين الذوادي .. وأحد المهتمين بهذه الجميله (المسكوكه الاسلامية)وكان لي الشرف بالعمل والتشرف بمعرفة أستاذنا أبراهيم الجابر. ( الطاقة المعطله)وللأمانه ومن خلال أحتكاكي المباشر بالمهتمين والهواة في دول الخليج وبعض الدول العربية ، فأنه يكفينا فخراً بانه يشار لأستاذ أبراهيم الجابر كرمز من رموز هذا المجال ، وبالأضافة ألا كتابه وكتاب الدكتور العش الذي يتحدث عن مجموعة متحف قطر ، يعد من اهم المراجع التي يحرص كل هاوي في مجال المسكوكات الاسلامية.

    في الواقع كل ما أسردته ما هو ألا عكس للحقيقة التي تؤلم كل مواطن وكل مهتم، حيث أن هذه السلبيات الادارية والقصور في تدوير عجلة التطوير من غير المهتمين والعارفين في قيمة وأهمية المسكوكات الاسلامية ، عطلت الكثير من الامور التي يصبو إليها الاستاذ أبراهيم الجابر والتي سوف يكون الاثر كبير الاثر في تثقيف الناس وتشجيعهم لفهم أسرار المسكوكات الاسلامية.

    نتنى أن نرى معارض وندوات وكتب وفاعليات على جميع الاصعدة والتي تخدم الهواة والمهتمين والباحثين .

    وفي الختام الله من وراء القصد ونتمنى أن نرى كل ما هو من شأنه خدمة الوطن

    رحم الله أمرء أهدا لعيوبي

    ردحذف
  2. مدونه ممتازه
    افادكم الله

    ردحذف
  3. رائع جدا
    تمنياتنا لكم بالمزيد من التقدم والازدهار

    ردحذف
  4. مقال قيم جدا
    شكرا جزيلا

    ردحذف
  5. تسلم الايادى
    موفقين باذن الله

    ردحذف