السبت، 8 يناير 2011

يوم لا ينفع الندم ! ( ١ من ٢ )

في كل المجتمعات هنالك دعامتين أساسيتين تضمن لها البقاء والإستمرار فضلا عن البناء والنمو وهما الصحة والتعليم ، واللذان لا يمكن لأي مجتمع الإستغناء عنهما إذ بدونهما تتعرض هذه المجتمعات لإنتكاسات كنتيجة طبيعية لتوقف عمليات التغير والتطور الأجتماعي والإقتصادي والسياسي التي ما تكون في أمس الحاجة للصحة والتعليم .
دعونا هنا نترك الصحة جانبا ونتحدث عن موضوع التعليم الشائك . والذي يدعوني إلى الكتابة في هذا الموضوع هو الكم الهائل من المداخلات التي نراها ونسمعها ونقراءها يوميا أو شبه يومي على شكل شكاوي أو نقد لأوضاع التعليم في البلاد دون أن نرى في مقابل ذلك ردا أو تعليقا جديا من جهات الإختصاص يحاول أن يجيب على التساؤلات المطروحة على الساحة . يا ترى إلى ماذا يعود ذلك ؟ دعونا نحاول أن نجد إجابة ما !
لقد عملت شخصيا في مجال التدريس لسنوات عدة في أحدى مدارس الثانوية كمدرس للغة الفرنسية ، وذلك في العهد البائد زمن وزارة التربية والتعليم . وكان التعليم في ذلك الوقت ، وكما يعلم الجميع ، يعتمد أساسا على مناهج تعليمية موحدة لكل مدارس قطر تأتي مباشرة من الوزارة نفسها . لذا كان دور المعلم يتمثل في نقل هذه المناهج إلى الطالب بطريقة ما أو أخرى تفي بالغرض والهدف ، هذا بالإضافة إلى بعض الأنشطة الصفية واللاصفية . ولا يستطيع أحد أن ينكر وجود مشاكل ومعوقات في النواحي التعليمية والسلوكية لدى الطلاب عموما على الرغم من سير العملية التعليمية . وفجأة ودون مقدمات ، انقلب الحال وأصبح الجميع يتحدث عن الغاء وزارة التربية والتعليم وإحلالها بالمجلس الأعلى للتعليم والبدء بتطبيق ما يسمى بنظام المدارس المستقلة ، دون أن ندري حقا ما هي المدارس المستقلة ، لتحل مكان المدارس ذات النظام المعروف لدينا . وفي وسط هذه التغييرات وتداول القيل والقال ، فضلت شخصيا الإنسحاب من التعليم والتوجه للعمل في المتاحف لإنشاء قطاع تعليمي فيها ظنا مني بأنني سأحصل على وضع وظيفي وإجتماعي أفضل . ولم يكن يدر بخلدي مطلقا بأن الوضع في المتاحف سيتحول إلى كارثي يدمر كل ما بناه الآخرين ، وهذا هو ما عليه الوضع بالضبط اليوم في المتاحف !
دعونا نرجع إلى المدارس المستقلة حيث ترتكز الفكرة في إن الطالب هو محور التعليم والتعلم وليس المدرس ، بمعنى إن المدرس يلعب دورا إشرافيا بوضع مناهج يختارها هو في إطار ، كما يقال ، معايير معينة تدفع الطالب إلي التفكير والتمعن والبحث والإكتشاف والإبداع . وهذا بالتأكيد طيب ولا بأس به لكن كيف يمكن تغيير النظام دفعة واحدة دون تحضير أو تأهيل أو اعداد ، سواءا للمدرس أو للطالب ؟
 كما قلت فإن فكرة المدارس المستقلة تعتمد أساسا على إن الطالب هو محور التعليم والتعلم وهو إذن محور الإهتمام ، فانتقل الطالب من وضع المتلقي الصامت 
إلى وضع عليه فيه التفكير والتناقش والبحث . وانتقل المدرس من وضع الناقل لمنهج محدد سلفا والملقن حرفيا لهذا المنهج إلى الطالب ، إلى شخص عليه توجيه الطالب ضمن منهج يختاره هو ضمن معايير معينة وليس عليه سوى الإشراف والتأكد من وصول المعلومة للطالب والتي من خلالها يجب عليه إظهار ردود افعال تشير إلى قدرته على الفهم واستخدام تلك المعلومة في حياته . كل هذا جيد ، لكن يجب أن لا ننسى إن المدارس المستقلة تعتمد أصلا على بيئة تعليمية ، بمعنى أن يتعلم الإنسان من بيئته ما يتعلمه أيضا في مدرسته ويطبقها في حياته ، وهنا تكمن المشكلة ويكمن التناقض

هناك 3 تعليقات:

  1. في مدارس اليوم لم يعد شي هو المحور للتعليم لا منهج ولا معايير ولا مدرس ولا طالب ولا اداره وحتى اشراف مجلس اعلى الحقيقه انه مووووولد وصاحبه غاااايب والا اقول ميت

    ردحذف
  2. نتائج كارثية بكل معنى الكلمة بسبب " تحديث " قشوري وظاهري ومسند الى غير اهله ! يلقي الكثير باللائمة على راند ويصمونها باليهودية والتآمرية والكولونيالية !!! ولكن راند جهة استشارية فحسب وفي توصياتها المقترحة والمقدمة لاصحاب القرار ذكرت ثلاثة خيارات وسيناريوهات منها تطوير وزارة التربية والتعليم واصلاح شؤونها.. والابقاء عليها . اليس كذلك ؟

    ردحذف
  3. التعليم جزء من نظام كلي متكامل والتعليم كالمرآة يعكس ما يجري في الجوانب الاخرى في المجتمع فاذا رايت التعليم على صورة ..ما .. فاعلم انه مؤشر لباقي القطاعات لانه اساس بنيوي

    ردحذف