الاثنين، 31 يناير 2011

مدراء تحت التدريب !

من ابجديات وبديهيات دخول الإنسان في معترك العمل أن يبدأ حياته المهنية بوظيفة صغيرة تتناسب مع امكانياته ومؤهلاته ليتدرج بعدها وظيفيا نحو الأفضل حسب قدراته وسرعة اكتسابه للخبرة العملية والمهنية التي تسمح له بتحقيق طموحاته وآماله للإرتقاء ، ويتحول تدريجيا من موظف عادي في موقع المرؤوس يخضع للإشراف والتدريب والتجربة الى موظف يستطيع تحمل مسئوليات  ومهام يكلف بها ويستطيع أخذ المبادرة وتقديم التصورات والمقترحات لتطوير العمل ، وبالتالي يستطيع تولي وظيفة اشرافية وادارية وقيادية . يتطلب هذا الأمر بطبيعة الحال الى سنين من العمل والمثابرة ، تختلف من شخص إلى آخر حسب قدرة كل منا ، لاكتساب الخبرة اللازمة للوصول إلى المراكز القيادية ، والتي ربما لا نصلها أبدا ، يمر من خلالها الإنسان بالعديد من الدورات التدريبية والتأهيلية فضلا عن الإحتكاك بالآخرين وبصعوبات الحياة ليرتقي بمستواه ويستطيع حينها تولي ما يصبو اليه من وظيفة بصفة مدير أو رئيس قسم أو ما شابه ، ليقوم بدوره بالتوجيه والإدارة واستلام زمام الأموربمسئولية واعية قادرة على تنفيذ السياسات والخطط والرؤى التي تقوم عليها المؤسسة التي يعمل بها ، وخلق الإنسجام والتوافق في العمل ومحيطه تحقيقا للصالح العام . إن هذه من الأبجديات في التطور والإرتقاء في العمل كما قلت التي تحقق الإنتاجية المطلوبة إذ لا يمكن في مطلق الأحوال تسلق الجبل من قمته .
لكن الأمر في هيئة متاحف قطر أخي القارىء مختلف تماما ، حيث نرى أناس حديثي السن والخبرة في وظائف تم اختلاقها لهم بمسمى مدير أو رئيس قسم بعقود داخلية لا تخضع لقانون الموارد البشرية وبرواتب خيالية ، لا تستند في التعيين إلى مؤهلات أو خبرة أو حتى أقدمية فضلا على إن هذه الوظائف لا علاقة مباشرة لها بطبيعة عمل الهيئة في المتاحف والآثار ، أي انها ليست تخصصية بل تدخل في نطاق ما يسمى بالشؤون المساندة من اعمال ادارية ومكتبية وخدماتية . وبدلا من أن يكون هؤلاء عونا لأصحاب الإختصاص في المتاحف والآثار في تأدية عملهم وتسهيل مهام ، استولوا على العمل واتخاذ القرار فأصبحوا هم الرؤوساء في العمل والمتخصصين مرؤوسين مما نتج عنه إقصاء وتهميش أصحاب الكفاءات الحقيقيين في المتاحف والآثار فتراجع بالتالي العمل المتحفي والآثاري لسنين عدة إلى الوراء بشكل دراماتيكي يصعب معه العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل وصول هؤلاء !
إن كنت لا تصدقني عزيزي القارىء فعليك بزيارة إلى برج الهيئة الواقع بجوار جمعية الهلال الأحمر لترى بأم عينيك من يعمل في الهيئة ومن يسيطر عليها . وأرجو منك ، بعد مرورك بكل الطوابق ، أن تقول لي كم من الإدارات أو الأقسام التخصصية رأيت وكم من الموظفين المتخصصين في المتاحف والآثار رأيت مقارنة بهؤلاء من يعمل في الوظائف الثانوية الإدارية والمكتبية منها والخدماتية منها ؟! وستجدني إن شاء الله من الصادقين .
وياليت يقوم هؤلاء بعملهم كما يجب لكانت نصف مصيبة ، إذ يتعطل العمل وتعم الفوضى وتضيع حقوق الموظفين بسبب قلة الخبرة وضعف المؤهلات لدى العديد منهم ، وخاصة من يسمون بالمدراء ، إضافة إلى اللامبالاة وطغيان الإعتبارات والمواقف الشخصية ، خاصة العدائية منها ، في التعامل مع الآخرين . تصور عزيزي القاريء إن من يتحكم في العديد من موظفي الهيئة ويلعب بمصائرهم كما يحلو له شخص لا يملك إلا ثانوية عامة معين كرئيس قسم . والمصيبة إن كل هذا يحدث بعلم الجهات الإشرافية والرقابية ؟!
لنعد إلى هؤلاء من يطلق عليهم مدراء في هيئة متاحف قطر والذين يستلمون رواتب خيالية يحلم بها حملة الماجستير والدكتوراة ومنهم في تخصصات نادرة . تخيل أخي القارىء أنه بعد تعيين هؤلاء في هذه المناصب القيادية وبهذه الرواتب العالية ، يتم إرسالهم في دورات تدريبية تمتد احيانا لشهور إلى الخارج في اللغة الإنجليزية مثلا أو في مجال عملهم الإداري أوالمالي أوالمكتبي والخدمي أو في استخدام الكمبيوتر أو حتى في الإتيكيت والبروتوكول ، ما يعنى وظائف لا علاقة لها بطبيعة عمل الهيئة في المتاحف والآثار ويستطيع أي من كان أن يقوم بها طالما يملك الخبرة اللازمة . ألا يوجد مثلا من أصحاب الكفاءة العالية في الموارد البشرية أو الشؤون المالية أو الخدمات من يستطيع العمل في الهيئة ويؤدي دوره على أحسن وجه وربما بربع ما يتقاضاه هؤلاء ، محدودي الخبرة ، من رواتب ؟
كيف يمكن التخيل بأن هيئة متاحف قطر تعين أناس بمسمى مدير وبراتب يصل إلى الستين أو السبعين الف وربما أكثر لترسلهم في دورات تدريبية باهظة التكاليف ، إضافة إلى بدلات التمثيل وتكاليف السفر وخلافه في وجود كفاءات عالية جاهزة تستطيع القيام بعملها كما يجب ودون الحاجة إلى كل هذا الإستنزاف المجاني للمال ؟ أيعقل يا جماعة أن يعين أناس حديثي السن وعديمي الخبرة في وظائف قيادية ؟ إنها العلاقات الشخصية المقيتة والواسطة الملعونة يا سادة التي تعيث الفساد والخراب والدمار بالديار !
الأنكى من ذلك يا أخوة ، هو إن بعضا من هؤلاء ، من يطلق عليهم بالمدراء في هيئة متاحف قطر ، لم يبقى إلا شهور معدودة في الهيئة غادر بعدها بعدما استنزفها ماديا في الدورة التدريبية الطويلة وبدلات التمثيل وبعض المهمات والسفر وخلافه ، دون حسيب أو رقيب ، ذهبت كلها سدى ، بينما يحرم أصحاب الأختصاص والكفاءات من فرص التطور والإرتقاء لخدمة بلدهم ! أنه هدر المال العام بعينه يا سادة .
وحسبي الله ونعم الوكيل .


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق