الأحد، 19 يونيو 2011

الشفافية عندهم ... لكن ماذا عنا ؟

تحرص جميع المتاحف في العالم على وضع برنامج يتضمن احداث وفعاليات تعليمية وثقافية متكاملة تنظمها كل سنة  يتم الاعلان عنه بوقت كاف ، من ثلاث إلى ستة أشهر ، قبل البدء في تنفيذ هذا البرنامج ويتاح للجمهور الإطلاع عليه من خلال وسائل الاعلام والحصول على المطبوعات والنشرات اللازمة التي تعلن عنها. ويتم تحديد تنفيذ الفعاليات المختلفة بتواريخ لا تتغير مطلقا إلا في الحالات الطارئة . وهكذا يستطيع الجمهور تنظيم وقته ليستطيع حضور هذه الفعاليات ، لا أن يتفاجأ بها دون سابق علم أو انذار فيكون مشغولا في أمر آخر فيحرم من حضورها وبالتالي تفقد الأهداف التي نظمت من أجلها .
من ضمن الفعاليات الثقافية التي تحرص المتاحف على تنظيمها سنويا المعارض المؤقتة التي يستمر اغلبها ، حسب العرف في عالم المتاحف ، قرابة المائة يوم . ويتم ذلك أما بمعرض مؤقت تقيمه المتاحف نفسها في صالة المعارض المؤقتة لديها لمقتنيات تملكها غير متاحة للجمهور في صالات العرض الدائمة فتظهرها لهم للتعرف على هذه المقتيات خلال فترة معينة والتي تكون أما عن حقبة معينة أو موضوع معين أو ادوات معينة وفي الأغلب ذات قيمة عالية وتتطلب وسائل ضخمة وخاصة للحفاظ عليها . وهنا تحاول المتاحف تغطية تكاليف معارضها المؤقتة من ميزانتها المتاحة بأقل التكاليف الممكنة ، إضافة الى أموال الرعاية وجمع التبرعات التي غالبا ما تغطي الجانب الأكبر من التكاليف .
ويمكن للمعرض المؤقت أن يقام بالاتفاق بين متحفين يعرض أحدهما مقتنياته عند الآخر أو أن يعرض كل منهما مقتنياته لدى الآخر . وهنا يتفق الطرفان على كيفية التمويل وما نسبة المشاركة لكل منهما فيه وهل توجد تبرعات أو رعاية . لكن يحدث أيضا أن يطلب متحف ما أن يعرض مقتنياته في معرض مؤقت لدى متحف آخر له ربما شهرة عالمية أو اقليمية واسعة ، أو أن يطلب متحف ما من متحف آخر أن يستقبل بعضا من مقتنياته ليعرضها عنده في صالة المعارض المؤقتة . وفي كل الأحوال ، جرى العرف أن تتدبر الجهة الطالبة تمويل اقامة هذه المعارض المؤقتة .
بالإضافة إلى المعارض المؤقتة التي تتعاون المتاحف في إقامتها وتنظيمها في حدود مساحاتها المتوفرة لديها ، تقوم أيضا بتنظيم معارض مؤقتة في خارج حدودها كالتي تقام في بعض المؤسسات الثقافية والاجتماعية والتعليمية والسياحية ... الخ . أذكر هنا بأن المتحف الهولندي في امستردام قام بتنظيم معرض مؤقت لمقتنياته في مطار شيبول الدولي بامستردام أثناء فترة اغلاقه لدواعي الصيانة منذ سنوات قريبة . وفي حالات كهذه ، تقوم تلك المؤسسات بدعم المتاحف باقامة مثل هذه المعارض المؤقتة .
عند بدء التفكير باقامة معرض مؤقت ما ، تقوم الجهة صاحبة الفكرة والمبادرة ، كما الجهات الأخرى المتعاونة معها  كل في جهته ، بفتح ملف خاص  بهذا المشروع المحدد يوضع به كل ورقة له علاقة بالمشروع منذ بدايته إلى نهايته . ويشمل ذلك كل الأمور المتعلقة بالجوانب التنسيقية والتنظيمية والفنية واللوجستية والمالية كالمسائل المتعلقة بالاتفاق حول موضوع المعرض المؤقت مثلا والمقتنيات المطلوب عرضها ومكان العرض وكيفية انشاء واقامة المعرض ومساحته وما هي الوسائل الفنية والمواد المستخدمة فيه ومن سيقوم بالتنفيذ ، كالاتفاق مع شركة متخصصة ما ، وكيفية تسخير وسائل الاعلام  وما هي وسائل الدعاية والاعلان التي ستستخدم للترويج للمعرض والاتفاق حول الاصدارات العلمية والاكاديمية ذات العلاقة كالكتب والابحاث والدراسات بمناسبة اقامة المعرض المؤقت دون غفل ذكر كل التكاليف المالية لكل ما ذكر وتلك المتصلة بالتحضير لاقامة المعرض من مهمات سفر وتنقل وسكن واجتماعات إضافة إلى تكاليف اقامة المعرض المؤقت نفسه .
حين الإنتهاء من المعرض ، يتم اعداد وتجهيز تقرير كامل عن المعرض بكل ما ذكر اعلاه ويشمل نتائج المعرض إن كان حقق أهدافه وجاء حسب التوقعات المرجوه منه أم لا ؟ وهل كان عدد زواره حسب المتوقع أم لا ؟ إضافة إلى ذكر الاخطاء إن وجدت وتقديم المقترحات لتلافيها مستقبلا . ثم يوضع هذا التقرير في الملف وينشر في تقرير الاعمال السنوي للجهة صاحبة المبادرة أو غيرها من أصحاب العلاقة ويتاح للجمهور الإطلاع عليه والاستفادة منه سواء لغرض العلم بالشيء أو لغرض البحث والدراسة .
تذكرت كل ذلك وأنا أقرأ في احدى الصحف المحلية عن مشاركة الدولة كضيف شرف ، ممثلة في هيئة متاحف قطر ، في مهرجان ومعرض الصيد الدولي الذي أقيم في قلعة شامبور الفرنسية التي تبعد 180 كلم عن باريس في الفترة ما بين 17 إلى 19 يونيو الحالي وهي مدة قصيرة جدا – ثلاثة أيام فقط -  للمشاركة في هكذا مناسبة في بلد بعيد وفي مكان نائي وبحشد كبير – كثير منهم  ذهب ليرز الوجه فقط - وبفعاليات ضخمة كما جاء في الصحيفة ما يعني إن التكاليف كانت بلا شك باهظة جدا !
سأترك التعليق على مشاركة هيئة متاحف قطر في هذا المهرجان للمقال القادم إن شاء الله  لكنني ، وعلى الرغم من أنني أعلم وكما يعلم غيري إن هيئة متاحف قطر لم تصدر مطلقا تقريرا سنويا عن اعمالها منذ نشأتها قبل حوالي الست سنوات على خلاف ما تقوم به المتاحف الأخرى ، أتمنى ان تصدر تقريرا عن مشاركتها في هذا الحدث بالتحديد تذكر فيه كل التفاصيل وبخاصة المالية منها ، وهل حققت المشاركة الأهداف المرجوة إن وجدت ؟ وذلك عملا بمبدأ الشفافية التي تنادي به الدولة وعلى أن يتاح التقرير للعامة للاطلاع عليه لأن الأمر يتعلق بالمال العام .
والله من وراء القصد ،،،      

هناك تعليق واحد:

  1. مهرجان ومعرض الصيد الدولي

    ما دخل المتاحف ؟

    ردحذف