الثلاثاء، 28 يونيو 2011

معرض هيئة المتاحف في شامبور - فرنسا


شاركت هيئة متاحف قطر بمعرض ضخم جدا في مهرجان ومعرض الصيد الدولي الذي أقيم في قلعة شامبور على بعد 180 كلم جنوبي باريس – فرنسا ، في الفترة من 17 ال 19 يونيو 2011. وقد كانت مشاركة الهيئة في هذا المهرجان ، كما جاء في الصحف المحلية ، كشريك رئيسي وضيف شرف ؟! .
وكرد فعل متوقع ، علق الأخ غير معرف على مقالي السابق حول هذه المشاركة  بقوله : ما دخل المتاحف بمهرجان صيد ؟ وهذا التعليق طبيعي لأنه لا توجد فعلا علاقة مباشرة أو غير مباشرة بمهرجان ومعرض للصيد الحي مع المتاحف !

ولكي لا نلقي الكلام جزافا ، لندخل في تفاصيل هذه المشاركة لهيئة المتاحف في هذا المهرجان لنحاول الوصول إلى إنه لم يكن من اختصاصها ، وأنها بذلك تحاول أن تقتنص صلاحيات واختصاصات غيرها من المؤسسات في ظل اهمال ملحوظ لأختصاصاتها الحقيقية في المتاحف والآثار .
المعروف ان المتاحف تسعى ، من خلال ما تنظمه من معارض مؤقته داخلية أو خارجية ، إلى الترويج لنفسها بعرض ما لديها من مقتنيات مختلفة ثمينة تطلعها على الجمهور لجذبه لزيارتها والتعرف على امكانياتها بهدف الإستمتاع والتعليم والتثقيف . ويصاحب عادة هذه المعارض المؤقتة فعاليات جانبية كحلقات نقاش حول موضوع المعارض المؤقتة يشارك فيها الباحثين والمختصين إضافة إلى المهتمين من الجمهور ، فضلا عن اصدار كتالوجات ودراسات وابحاث عن هذه المعارض وعن بعض التفاصيل فيها مثل بعض المقتنيات الثمينة ....الخ . ويحدث أن تقام بعض الفعاليات الفنية والموسيقية على هامش هذه المعارض المؤقتة شريطة أن تكون ذات علاقة بمواضيع المعارض وموادها ، لكنها ليست الفعاليات الرئيسية أو الطاغية .
ما رأيناه في المعرض القطري المشارك في مهرجان ومعرض الصيد الفرنسي من فعاليات لم يكن ذا صلة مباشرة ، وقل غير مباشرة بالمتاحف . لقد كان معرضا عن بعض من جوانب التراث القطري بامتياز وليس عن المتاحف في قطر التي كان يفترض لهيئة متاحف قطر أن تقدمها للجمهور الفرنسي .
لقد استمر هذا المعرض لثلاثة أيام فقط وقعت في فترة نهاية الأسبوع وقد سخرت له امكانيات ضخمة تتنافى مع طبيعة عمل المتاحف التي تسعى دائما لتغطية تكاليف تشغيلها وفعالياتها من مصادر مختلفة من ضمنها الرعاية ، وليس الصرف بمبالغ خيالية على حدث لم يستمر إلا ثلاثة لم تكن الأهداف التعليمية والثقافية في سلم أولوياته ، بل طغت عليه الجوانب السياحية والترفيهية ، ولم تكن مناسبة المشاركة ذات صلة بالمتاحف .
احتوت فعاليات المعرض ، الذي كان عبارة عن قرية قطرية كما أطلق عليه الوصف ،على بعض جوانب الحياة البرية والبحرية في قطر كما قيل في الصحف المحلية . ومورست فيه العاب تقليدية وشعبية وأظهرت بعضا من المهن والحرف والصناعات التقليدية وقدمت الفرق الشعبية المشاركة فقرات من الغناء والموسيقى والرقصات الشعبية والتقليدية إضافة إلى تقديم المطبخ القطري للجمهور الفرنسي بما له من أطباق ووجبات شعبية مع توفر فرص التذوق .
كما قام المنظمون بتوزيع الآف المطبوعات والإصدارات والمواد الإعلامية عن انجازات الدولة وبث فيلم وثائقي عن تاريخ الدولة وثقافتها وتراثها .
أنه معرض تراثي بامتياز احتوى على جوانب من التراث القطري وهذا من اختصاص إدارة التراث التابعة لوزارة الثقافة والفنون والتراث وليس من اختصاص هيئة متاحف قطر لتسطو على اختصاصات غيرها ، وهنا تطرح مشكلة تداخل الصلاحيات والاختصاصات الذي نعاني منه منذ إنشاء ما يسمى ببعض الهيئات والمؤسسات التي تتعدى على صلاحيات وزارة الثقافة التي يجب أن تكون الجهة المخولة لأدارة الثقافة والتراث في قطر ضمن سياسة ثقافية واضحة ومحددة .
كما يمكن اطلاق الوصف السياحي على هذا المعرض بما أنه احتوى على توزيع مطبوعات اعلامية ودعائية عن الدولة وليست مطبوعات تحمل الطابع الفكري أو العلمي والتعليمي أو الثقافي كما يجب أن يكون مع المتاحف . وما يعزز هذا الوصف تقديم عشاء فاخر لعدد ربما فاق الألف وخمسمائة مدعو بالإضافة إلى أكثر من ستين مدعو تعامل معهم كضيوف مهمين جدا ، لأن هذا ليس من عمل المتاحف الغير ربحية ، بل من عمل المؤسسات التي تسعى لجذب سائحين لكن الوضع في هذا المعرض كان مختلف تماما إذ إن الهدف الرئيسي ، كما أعتقد ، كان استعراضيا .
لقد قامت جمعية الصقارين القطرية بتقديم عروض عن القنص وقدم آخرون عن كيفية استخدام الكلب السلوقي في الصيد وهذا جانب آخر لم يكن يفترض اقحام المتاحف فيه بشكل مباشر ، بل كان يجب أن يقدم كجانب من التراث القطري في مجال الصيد الذي يدخل أيضا في عمل إدارة التراث ، لكن لا أدري إن دخلت الالعاب النارية ، التي أختتمت بها فعاليات المعرض ، في قاموس التراث القطري أيضا !!! .
لا أريد أن أقلل من جهود أحد ، خاصة هؤلاء الأخوة الذين بفضلهم قام هذا المعرض ومنهم بالأخص الزميل ناصر الحمادي الذي لولاه لما قام هذا المعرض والذي بقي خلف الكواليس ولم يحرص على الظهور والبهرجة ، كما فعل آخرون أتوا ليرزوا وجوههم فقط أمام الكاميرات وينسبوا العمل لهم ، بقدر ما كان يحرص على إنجاح العمل . لكنني كنت أتمنى أن تنظم هيئة متاحف قطر بأيادي قطرية معرضا مؤقتا لمدة مائة يوم عن مجموعات تقتنيها في متاحفها في احدى المتاحف الفرنسية المرموقة أو غيرها  . حينها فقط أستطيع أن أقول إن الهيئة تبدأ في  السير في الإتجاه الصحيح ، لكنني أخشى ، نظرا للظروف الحالية في الهيئة ، إن هذا اليوم لن نراه في المستقبل المنظور ! .

  
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق