عندما تم تعيين السيدة عائشة الخاطر مديرا لمتحف الفن الإسلامي أعلن عن ذلك في الصحف المحلية بخبر بارز تضمن تصريحا لمدير هيئة متاحف قطر يفتخر فيه بتعيين السيدة الخاطر كأول قطرية على رأس متحف الفن الإسلامي معتبرا ذلك إنجازا كبيرا للهيئة ! وقد قمت بالتعليق على هذا الخبر في حينه بمقال في مدونتي هذه بعنوان بماذا تفخر رددت فيه على تصريح مدير الهيئة واعتبرته نوعا من الرياء ، إذ إنه من الثابت للجميع إن إدارة هيئة متاحف قطر الحالية تعمل بضراوة على إقصاء كل كفاءة قطرية متميزة في العمل المتحفي والآثاري ، وقد قلت هذا مرارا في مقالاتي المختلفة وهو موقف ثابت لي يعرفه الجميع لم ولا يتغير طالما بقي هؤلاء في الهيئة فضلا على استناده على وقائع ثابتة حدثت وتستمر في الحدوث .
لقد أعلن مدير هيئة متاحف قطر عن هيكلية جديدة للهيئة أرسلها بالبريد الالكتروني لموظفي هيئة متاحف قطر - لا أدري إن كانت توجد هيكلية سابقة - معتبرا ذلك إنجازا كبيرا آخر للهيئة يحسب لها في سبيل الوصول إلى العالمية في عالم المتاحف ؟؟!! . لكنه في هذه المرة لم يعلن عن ذلك في الصحف ، بل حرص ربما على أن لا يتخطى اعلانه للهيكيلية حدود الهيئة ، يا ترى لماذا ؟
لقد ضمت الهيكلية ، بعد خانة رئيس الهيئة وخانة مدير الهيئة ، ثمان إدارات رئيسية على رأس كل منها مدير رئيسي ، يتفرع منها إدارات فرعية على رأس كل منها مدراء فرعيون ، وتتفرع من هذه الإدارات الفرعية أقسام مختلفة على رأس كل منها رئيس قسم ثم وحدات عليها أيضا روؤساء وهلم جرا .... لكن دعونا ندخل في بعض من تفاصيل هذه الهيكيلية على مستوى الإدارات الرئيسية التي تجعلنا نعتقد بأن الأمر يتعلق بأحد مؤسسات الدولة ذات الطبيعية الإستراتيجية الحيوية الهامة وليست مؤسسة ثقافية تعنى بالمتاحف يجب أن يكون هدفها الرئيسي ابراز الثقافة المتحفية في المجتمع داخليا قبل التوجه خارجيا .
لقد فاخر مدير الهيئة بتعيين السيدة الخاطر مديرا لمتحف الفن الإسلامي لكنه جاء هنا ليعلن في هيكليته الداخلية عن تعيين أجنبي مديرا رئيسيا للمتاحف في قطر تتبعه كل المتاحف ، الموجودة منها كمتحف الفن الإسلامي ومتحف المستشرقين ومتحف الفن العربي الحديث والمتاحف المعلن عنها ولا ندري متى ستفتح كالمتحف الأولمبي ومتحف الطفل ومتحف قطر الوطني ، دون أن نغفل بأن كل هذه المتاحف يديروها أجانب باستثناء متحف الفن الإسلامي لكن المتخم بالأجانب أيضا . ولم تأتي الهيكيلية على ذكر متحف السلاح المنسي والواقع في أطراف المدينة مما يثير التساؤل حول مصيره !
في الجانب الآثاري المهم في عمل الهيئة خلت خانة الإدارة الرئيسية للآثار من ذكر اسم مدير رئيسي لها ، علما بأن من يقوم بهذا العمل أيضا ليس بقطري لكنه عربي ، ربما تبحث إدارة الهيئة عن أجنبي لتعينه كمدير رئيسي لهذه الإدارة .
ثم نرى إدارتين ، الأولى تسمى بالإدارة الرئيسية للتخطيط الإسترتيجي والأخرى الإدارة الرئيسية للشؤون التجارية . يرأس الإدارتين شخص أجنبي واحد !!! لكننا لا نعرف بالتحديد ماهية مهام هاتين الإدارتين ولا عدد الإدارات المتفرعة منهما أو عدد العاملين بهما إذ لم يعلن عن ذلك في الهيكلية ، لكنني أعلم بأن هذا الشخص الأجنبي المهم إلى درجة إعطاءه إدارتين رئيسيتين بقي لفترة طويلة في مكتب صغير ليس معه إلا سكرتيرة فأي مدير رئيسي هذا ؟!
في الجانب الذي يسمى بالخدمات المساندة ، وهي ليست فعلا كذلك ، أعلن عن إدارة رئيسية للمالية لكن دون تحديد هوية المدير الرئيسي إلى الآن . وأعلن عن إدارة بأسم الإدارة الرئيسية للعمليات تهتم بالجانب الخدمي فقط ويرأسها مدير رئيسي قطري وهي بطبيعة الحال ليست إدارة تخصصية في المتاحف والآثار . ثم لدينا الإدارة الرئيسية للموارد البشرية عينت على رأسها إحدى الأخوات القطريات وهي كذلك إدارة غير تخصصية . وأخيرا الإدارة الرئيسية للتسويق والإتصالات دون ذكر مدير لها .
الملاحظ في هذه الهيكلية تعدد المناصب وتفخيم المسميات لنفس الوظائف التي يمكن أن يقوم بالعديد منها موظفون عاديون دون إطلاق صفة مدراء عليهم ، ويفهم من هذا اليوم بأن عدد المدراء في هيئة متاحف قطر ، التي كانت مجرد إدارة تابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث ، يفوق عدد الموظفين مما يثير التساؤل والفضول حول ذلك ، لكن ماذا يفعل فعلا كل هؤلاء وقد وصل عدد العاملين في الهيئة إلى قرابة الثمانمائة إن لم يزد مع طغيان واضح لعدد الأجانب بينهم ؟!
لقد سارع مدير الهيئة بالتفاخر بتعيين السيدة عائشة الخاطر مديرا لمتحف الفن الإسلامي وحرص على الإعلان عن ذلك في الصحف المحلية ووسائل الاعلام الأخرى ، لكنه هنا لم يسعى إلى الإعلان عن هيكلته الجديدة في وسائل الآعلام خاصة وأنه يحب الظهور ، وابقاها فقط داخل نطاق الهيئة ، ياترى هل عرفتم الآن لماذا ؟
"الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذابٌ أليم".
ردحذف