الخميس، 11 نوفمبر 2010

هل من جمعية لهؤلاء

هذه مقالة نشرت في صفحة الإخبارية يوم ١٢ نوفمبر ٢٠٠٩




سعدت مؤخرا بحضور جلسة نقاش حول قانون انشاء الجمعيات المهنية والغير مهنية في قطر ، والتي عقدت في مقر غرفة تجارة وصناعة قطر . وعلى الرغم من تقاطع المناقشات والأراء حول بنود هذا القانون إلا إن اغلبها اتفق على ان ما بها من التعقيدات والتقييد أكثر منها من التيسير والتسهيل ، خاصة تلك الفقرات المتعلقة بالرسوم الباهظة وتحديد ممارسات تلك الجمعيات وانشطتها ، والتهديدات المبطنة المتمثلة في فقرات الجزاءات والعقوبات في حال مخالفة بنود وفقرات القانون الصادر . ومن هنا لم يخفي المشاركون ، من مؤسسي الجمعيات القائمة وطالبي التراخيص ، حجم الصعوبات التي يواجهونها مع سلطة منح الترخيص ومراقبتها من الناحية القانونية والإدارية إضافة إلى الجوانب التنفيذية .

لكن النقطة الأهم في هذا القانون وغيره من القوانين ، تتمثل في احتكار المشرع في اصدار القوانين وحماية نفسه ، في ذات الوقت ، من المسآلة والمقاضاة ، اذ أنه يحرص دائما على وضع مواد وفقرات مطاطية تعطيه حق التعديل أو التغيير أو الرفض أو حتى عدم الرد دون تقديم مبررات حسب مصالحه دونما اعتبار للأطراف الأخرى ومصالحها . بمعنى آخر ، احتكر المشرع السلطات الثلاثة ، التشريعية والتنفيذية والقضائية ، في آن واحد . لذلك لست من هؤلاء المتفائلين الذين يعتقدون بتغير وتطور القانون ، على الرغم مما يقال حاليا عن وجود نية لإصدار قانون جديد في انشاء الجمعيات ، فالقانون سيراوح مكانه ، وإن حصل بعض التعديل فسيشمل ذلك بعض النقاط الثانوية وليست الرئيسية ، طالما بقي المشرع نفسه ووحيدا مسيطرا على كل السلطات ، وغياب مصادر تشريع حقيقية أخرى قادرة على تحقيق رغبات المجتمع بفئاته المختلفة ، تتحمل أخطاءها وتصححها في حال حدوثها وتتحمل المسئولية عند المسآلة والمحاسبة . خذ مثلا قانون الموارد البشرية الذي أثار زوبعة من الجدل ، لم يتغير من الأمر في شيء وبقي القانون كما هإو ، قل على الأقل إلى الآن ، وأصبح ساري المفعول ولم يلتفت مع الأسف الشديد إلى تلك الأصوات التي اعترضت على مواد كثيرة من هذا القانون لأنه ، بكل بساطة ، لا توجد مؤسسة حقيقية أخرى صاحبة اختصاص في دراسة مشاريع القوانين ، قادرة على قبولها أو رفضها . لذلك يجد المشرع مطلق الحرية في اصدار التشريعات والقوانين التي يراها هو مناسبة والتي غالبا ما يلحقها بتعاميم تزيد التعقيدات كما قال زميلنا الأخ محمد فهد القحطاني ، وقد تكون احيانا متناقضة مع مواد القوانين نفسها .
لقد أعطى قانون الموارد البشرية الجديد صلاحيات واسعة للرئيس على حساب المرؤوس وكأنه بذلك يريد اخضاع المرؤوس للرئيس في إشارة على ما يبدو إلى رغبات معينة من قبل البعض . وحرم المرؤوس من حقه في التظلم إلا باللجوء الى المحكمة الإدارية مما يعني ضرر مادي فوق ضرره النعنوي . ورغما عن ذلك ، لا يحاسب القانون الرئيس حتى لو ثبت خطأه وتعسفه في حق المرؤوس وسوء استغلاله للسلطات الممنوحة له ، ناهيك عن المجاملات والمحاباة للأهل والربع .
إن وجود جمعيات غير حكومية صادقة ونزيهة تتمتع بالقوة اللازمة ، تعمل بموجب قانون واضح وعادل يحميها ، قادرة على الضغط والدفع باتجاه اتخاذ قرارات تأخذ بعين الإعتبار مصالح المجتمع وافراده ، أصبح ضرورة قصوى لإثراء المجتمع وتطوره ونموه . كما يجب أن تكون تلك الجمعيات قادرة على حماية أعضاءها والدفاع عنهم وتمثيلهم أمام الجهات الرسمية والغير رسمية والجهات القضائية ان تتطلب الأمر ، والوقوف أمام تسلط بعض المسئولين  الرؤساء في العمل ومنهعهم من سوء استخدام السلطات الممنوحة لهم وتصفية حسابات شخصية مع المرؤوسين على حساب المصلحة العامة .
إن وجود عدد كبير من خيرة الكفاءات القطرية على ما يسمى بالبند المركزي وآخريين مهمشين ومحاربين في عملهم ، مما يمنعهم من الإنتاجية والإبداع وحرمانهم من خدمة وطنهم ، لأكبر دليل على ضرورة وجود مثل هذه الجمعيات للدفاع عنهم والأخذ بحقهم ، طالما لا يوجد جهاز رقابي ومحاسبي حقيقي قادر على ردع هؤلاء الرؤساء الذين يسيئون استخدام سلطاتهم ويسخرونها لمصالحهم وأهواءهم الشخصية ، ويتفننون في محاربة الكفاءات القطرية وإقصاءها وتفضيل الأجانب عليهم . فهل يا ترى سنرى قريبا جمعية تدافع عن هؤلاء الموظفين المحرومين والمهمشين ؟
نقطة أخيرة :
يا ترى لو كانت تلك الكفاءات القطرية المرؤوسة تعمل في شركات خاصة لهؤلاد الرؤساء ، فهل كان سيطلب منها البقاء في بيوتها آو تهميشها مع صرف رواتبها ؟ ألا يعتبر ذلك خيانة للأمانة ؟ إذا كان الأمر كذلك فهل يؤتمن خائن على شيء ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق